برشيد نيوز: بقلم محمد المنوني ولد درب لاكار
ليس لدي وثائق إثبات ولكن فقط ذكريات من طفولتي. أود أن أتكلم عن مريكان بقاعدة النواصر، كانت قاعدة عسكرية على الطريق إلى الدار البيضاء على بعد خمسة عشر كيلومترا تقريبا من برشيد .
عندما كنت أسافر مع والدي على متن ـ كارـ العمراني ، من خلال النافذة ، رأيت حامية عسكرية محاطة بسياج أسلاكه عالية متبث على الأرض بأعمدة حديدية .
رأيت على طول الطريق بوابات أمامها جنود يحملون أسلحتهم؛ خوذ ات تخفى جماجمهم، حراسة مشددة ،تبعث فيك الخوف .
لم أكن أعرف وظيفة أعمامي اللذان يعملان بالقاعدة، لكن عند زيارتهما لجدي بدوار الكرارمة أولاد صلاح حيث ولدت، يحضرا لي الأقلام وأقلام الرصاص والقصص المصورة. كنت أقلبها لرؤية رسومات ـ سوبر مان ـ، في وقت لاحق كنت أعرف أن هذه القصص مكتوبة باللغة الأمريكية. كان أحد أعمامي لديه كاميرا في ذلك الوقت وخوذة سفر، كان قد جلبها من القاعدة ، أردت أن يعطيه لي.
ما زلت أتذكر الطائرات المقاتلة التي كانت تحلق فوق قريتنا برشيد ، هذه الطائرات لم تعد موجودة ولكن ما زلت أراها في الأفلام الوثائقية على شاشة التلفزيون. بمجرد أن أسقطت طائرة قنبلة عن طريق الخطأ على ـ كريان ـ فقير في المنطقة التي كنت أسكن بقربها ، ولكن لحسن الحظ لم تنفجر، غرقت داخل ـ براكة ـ دون أن تلحق ضررا، لم يكن أحد بداخلها ...ثم قصفت طائرة قنبلة أخرى على زاوية مدرسة ابن رشد القريبة من الدرك، وقيل إنها انفجرت ودمرت جدار قاعة مدرسية ، لحسن الحظ كنافي عطلة.و في نظري ، تدريب الطيارين الأميركيين بهذه الكيفية ، لا قيمة له !
على مقربة من أولاد حجاج، يأتي الأميركيون في " زي كاكي" بسيارتهم ـ جيب ـ لشراء الدجاج والبيض، في الواقع يأتون للتحرش بفتيات المنطقة؛ هذا قول خالتي ... كان لبرشيد سوق يسمى ـ البرغوث ـ وكان يقع بين القيسارية ومقهى بالفقيه؛ كان هناك كل ما تريد من الكتب إلى الكاميرا، بنطلون جين، والساعات، والأطباق الخزفية ، والسكاكين الفضية والخشب، كل شيء...
والدي اشترى لنا أواني لطبخ البيض ، وأحضر لي حذاء استعملته لعدة سنوات ثم أعطيته لأخي . في يوم من أيام الصيف صباحا، وصل الأميركيون بحافلتهم الصفراء إلى حينا وألقوا لنا بالحلوى،وأخذونا بحافلاتهم إلى القاعدة، أعطونا قمصانا وأحذية رياضية بيضاء، وأعدوا لنا سندويشات و في المساء رجعنا إلى منزلنا.
في فصل الشتاء، كانت المحطة بقرب الصيدلية ، ـ حي لاكارـ مملوءة بمياه الأمطار، وحيث أن بلدية برشيد لم يكن لديها رجال إطفاء، جاء رجال الإطفاء الأمريكيون بشاحنات ضخمة لإخلاء الفيضانات المائية.
شخصية مهمة جدا أردت أن أذكرها السيد ـ الكروى من دوار الجوالا ـ كان يعيش بفرنسا. كان رجلا قويا جدا ، ذوعضلات، كان يرتدي فقط ـ الجينزـ والسترات والأحذية الرياضية من قاعدة مريكان .
حوالي عام 1965م ، غادر الأميركيون القاعدة وأصبح العديد من البرشديين عاطلين عن العمل، من بينهم أعمامي، الذي تحدث عنهما.قال لي والدي أن نصف المدينة بنيت بفضل وجود القاعدة بالقرب من منطقتنا.هذه إجابة عن سؤال زوجة ابن عمي حميد.الزمن الجميل ...