برشيد نيوز/ الجيلالي طهير
المؤمنون بالتغيير، من أجل القطيعة مع الماضي المتعفن، في كتابات جبران خليل جبران ثلاثة أشخاص، وهم: الميت المصلوب، والمجنون، ورجل لو يولد بعد. من آخر المجانين الحالمين بالتغيير ، على المستوى المحلي، بمدينة برشيد رجل اسمه حمو بلمقدم، المزداد سنة 1945، من والدته فاطنة بنت حمو، وأبيه أحمد بن الشافعي بن حمو بن عبد الله بن علي بن الهاشمي الحجاجي الحريزي أصلا ونسبا .
كان الفقيد قيد حياته أسرع من غيره، وأكثرهم جرأة، على التعبير جهرا عن مبادئه الهادفة إلى الإصلاح والتغيير نحو الحياة الأفضل، في زمن كان مجرد النطق بكلمة " السياسة" يجلب على صاحبه الإقصاء والتهميش على المستوى المهني وفي العلاقات العامة. برز اسمه مبكرا في طليعة الشباب الذين أخذوا على عاتقهم تأسيس تنظيم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ببرشيد. فتم انتخابه نائبا للكاتب العام للفرع المحلي المرحوم محمد بوعبيد سنة 1976، ثم بعد ذلك نائبا لخلفه، الكاتب العام محمد طربوز ابتداء من سنة 1978.
خلال الانتخابات الجماعية المنظمة في شهر نونبر 1976، اكتسح حمو بلمقدم ، البالغ من العمر 31 سنة، الدائرة الانتخابية درب جديد، المحادية لمقر السلطة المحلية، على النحو التالي:
حمو بلمقدم من الاتحاد الاشتراكي 140 صوت، الطرفاوي محمد بن عبد العزيز من حزب الاستقلال 78 صوت، حلالة الحاج ابراهيم من الأحرار 64 صوت، محمد الريحاني من الأحرار 14 صوت، محمد الكحلاوي من الأحرار 08 أصوات، السعدي الشريف من الأحرار 06 أصوات، بوعبيد عبد السلام من الأحرار 04 أصوات. وفي الانتخابات الجماعية الموالية والمجراة سنة 1983، قامت السلطة العمومية بتحويل الدائرة الانتخابية درب جديد إلى دائرتين، من أجل تفتيت الأصوات المعبر عنها لفائدة الاتحاد الاشتراكي، وفاز المرشح حمو بلمقدم ، في معقله، بمنتهى السهولة، عن منافسيه فويرس كمال من حزب الاتحاد الدستوري، عبد القادر بن الغزواني من حزب الاستقلال، كاميل لحسن من الحزب الوطني الديموقراطي، عبد السلام بوعبيد من المحايدين.
قام الفقيد حمو بلمقدم بدور القطب السياسي للمعارضة الاتحادية بداخل المجلس البلدي خلال الفترة الممتدة من سنة 1976 إلى غاية 1992. حيث عرف عنه الصمود في وجه الإغراءات المادية والتعسفات والإشاعات المضللة التي تزامنت مع الانتقال المنظم لقطعان الوصوليين بين الأحزاب. وفي انتخابات 1992، أبعدته النيران الصديقة عن الترشح بدائرة درب جديد، واقترحت عليه الترشح بأحد الدوائر المتواجدة بالحي الحسني. لكنه انسحب بهدوء، دون قبول العرض، ولسان حاله يقول: درب جديد أولا، درب جديد ثانيا، درب جديد ثالثا.
لم يشارك الفقيد حمو بلمقدم في الفتنة الكبرى التي نالت من استئساد حزب الاتحاد الاشتراكي على المشهد الحزبي، وأسلم الروح للباري عز وجل صبيحة يوم الخميس 10 يناير 2019 . مؤخرا، وصفه السيد علي طربوز بضمير درب جديد ، وهو ينعيه من على صفحة التواصل الاجتماعي خاصته بهذه الكلمات المقتضبة: " إنه ضمير درب جديد، نال أصوات الساكنة بدائرته خلال الأيام الصعبة 1976/ 1992 . كان دائما يدعو إلى لم شمل العائلة الاتحادية ببرشيد. رحمه الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون".
يقول جبران خليل جبران في كتابه " النبي: " قال رجل غني: حدثنا عن العطاء، فأجابه المصطفى: إنك لا تعطي سوى القليل حين تعطي ما تملك. إذا أعطيت من ذاتك تكون قد أعطيت حقا. إنك لا تملك غير أشياء ترعاها وتحرسها خشية أن تحتاج إليها في غدك. ذلك الغد هو ما تراه يدخر لكلب شديد الحرص أن يدفن العظام في الرمال المهجورة، وهو يتبع الحجاج إلى المدينة المقدسة".